رغم أن الأعشاب تُعد من أقدم وأعظم الوسائل العلاجية، إلا أن ما يجري اليوم في أسواق الأعشاب وعلى ألسنة بعض المعالجين لا يمتّ للحكمة ولا للطب النبوي ولا لعلم الأخلاط بصلة.

بل أصبح عالم الأعشاب – للأسف – مليئًا بالطوام والخلل والتضليل، وإليك أخطرها:

❌ 1. “خلطة واحدة تشفي الجميع”

من أشهر الطوام أن يروّج المعالج لخلطة عشبية جاهزة، يدّعي أنها:

“تنظف القولون وتفتح العيون وتزيد المناعة وتقضي على الفيروسات وتغيّر حياتك.”

🔻 الخطأ هنا:

• لا توجد عشبة أو خلطة تصلح لكل الناس.

• الطب الأخلاطي يعلّمنا أن كل مزاج يحتاج علاجًا مختلفًا.

• البلغمي لا يناسبه ما يناسب الصفراوي، والسوداوي لا يُعطى ما يُعطى للدموي.

🛑 النتيجة: قد تُفرح شخصًا وتؤذي آخرًا بشدة.

❌ 2. استخدام الأعشاب القوية بلا ميزان

مثل:

• السنا: يُستخدم بلا مراعاة لليونة القولون أو المزاج، فيؤدي لجفاف خطير.

• الشيح: عشبة قوية تفيد السوداء، لكنها قد تؤدي لتشنجات أو أذى في الطحال إذا أُخذت بإفراط.

• الحبة السوداء: ليست دائمًا مفيدة، بل حارة جدًا، وقد تُلهب كبد الصفراوي.

🔻 الخطأ هنا:

• الأعشاب مثل الأدوية… بل أشد!

• يجب ضبط الكمية، التكرار، التوقيت، والمزاج المقابل.

❌ 3. الخلط العشوائي بين الأعشاب

هناك خلطات شعبية تحتوي على:

• زنجبيل + قرفة + فلفل أسود + شمر + قرنفل

قد تُعطي دفئًا لحظة، لكنها:

• 🔥 قد تُحرّك الصفراء حتى تؤدي إلى قرحة

• 🧯 قد تُحرق البلغم لكن تُجفف الدم

• ⚠️ قد تؤدي لتسارع نبض أو نوبات حرارية

🔻 الخطأ هنا:

• الأعشاب ليست بهارات تطبخها كيفما تشاء

• هناك توازن أخلاطي يجب احترامه، وإلا فسد البدن

❌ 4. الترويج بعناوين دينية دون فهم علمي

مثل:

“هذا العشب مذكور في الطب النبوي، إذًا هو نافع دائمًا وفي كل حال!”

🔻 الخطأ هنا:

• الطب النبوي نقي وحكيم، لكنه لا يُفهم خارج سياقه الزمني والمزاجي.

• الحبة السوداء مثلًا “شفاء من كل داء” إذا وُضعت في موضعها الصحيح.

✴️ قال الإمام ابن القيم:

“الدواء لا ينفع إلا بعد معرفة المرض، والزمان، والمزاج، والسن، والعادة.”

❌ 5. ترويج الأعشاب كمكملات بلا مسؤولية

اليوم تنتشر في الأسواق:

• كبسولات عشبية بتركيزات عالية

• مساحيق مطحونة لا يُعرف أصلها ولا زمن قطفها

• أعشاب مغشوشة مخلوطة بمواد صناعية

🔻 الخطأ هنا:

• النبات يفقد “مزاجه” إذا طُحن وخُزن لسنوات

• وقد تختلط أعشاب حارة بباردة دون علم المستخدم

🧪 لا دواء بلا فحص… ولا عُشبة بلا ضوابط.

🧭 ما هو الطريق الصحيح إذًا؟

✔️ العودة إلى أصول الطب الأخلاطي:

• افهم مزاجك

• اختر عشبتك المناسبة

• لا تستخدم العشبة إلا بحجمها، وزمنها، وطريقتها الصحيحة

✔️ تعامل مع الأعشاب باحترام لا سذاجة

✔️ لا تأخذ وصفة عشبية من شخص لا يفهم الأمزجة

✔️ لا تخلط الأعشاب بلا علم مسبق، فبعضها قد يتضاد ويؤذي

🧘‍♂️ الختام: الأعشاب نعمة… لكن بين يدي الجاهل تصبح نقمة

“كل عشبة تحمل شفاءً، لكن فقط لمن عرف متى وكيف ولماذا يستخدمها.”

الطب الحقيقي يبدأ من **معرفة الذات، لا من البحث عن وصفة سريعة.”